فصل: 4- طرق انعقاد الخلافة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.وظيفة الخليفة:

1- قال الله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [26]} [ص: 26].
2- وقال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ [49]} [المائدة: 49].

.فضيلة الإمام العادل:

1- قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [9]} [الحجرات: 9].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ الله، وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال: إِنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفق عليه.
3- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهًما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَىَ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزّ وَجَلّ، وَكِلتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا». أخرجه مسلم.

.عقوبة الإمام الجائر:

1- قال الله تعالى: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [19]} [الفرقان: 19].
2- وَعَنْ مَعْقِل بن يَسَارٍ المُزنِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ». متفق عليه.

.خيار الأئمة وشرارهم:

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خِيَارُ أَئِمّتِكُمُ الّذِينَ تُحِبّونَهُمْ وَيُحِبّونَكُمْ، وَيُصَلّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمّتِكُمُ الّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلعَنُونَهُمْ وَيَلعَنُونَكُمْ» قِيلَ: يَا رَسُولَ الله أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسّيْفِ؟ فَقَالَ: «لاَ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصّلاَةَ، وَإذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئاً تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلاَ تَنْزِعُوا يَداً مِنْ طَاعَةٍ». أخرجه مسلم.

.بطانة الإمام وأهل مشورته:

عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ تَعَالَى». أخرجه البخاري.

.الحكم إذا بويع لخليفتين في بلد واحد:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا». أخرجه مسلم.

.حكم غلول الحكام وغيرهم:

1- قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [161]} [آل عمران: 161].
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أمْرَهُ، قَالَ: «لا ألفِيَنَّ أحَدَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ الله أغِثْنِي، فَأقُولُ لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أبْلَغْتُكَ، وَعَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ الله أغِثْنِي، فَأقُولُ: لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أبْلَغْتُكَ وَعَلَى، رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ الله أغِثْنِي، فَأقُولُ: لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أبْلَغْتُكَ، أوْ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ الله أغِثْنِي، فَأقُولُ: لا أمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أبْلَغْتُكَ». متفق عليه.
3- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْروَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يُقال لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ، فَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «هُوَ فِي النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. متفق عليه.

.ما يفعله الخليفة إذا وجَّه أميرين إلى موضع:

عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي بُرْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أبِي قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أبِي وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «يَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». متفق عليه.

.حكم هدايا العمال:

1- عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السّاعِدِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ عَلىَ صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيّةِ، فَلَمّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيّةٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فَهَلاّ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمّكَ حَتّىَ تَأْتِيَكَ هَدِيّتُكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقاً؟» ثُمّ خَطَبَنَا فَحَمِدالله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ: «أَمّا بَعْدُ، فَإِنّي أَسْتَعْمِلُ الرّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمّا وَلاّنِي الله، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمّهِ حَتّى تَأْتِيهُ هَدِيّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقاً، وَالله لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئاً بِغَيْرِ حَقّهِ إِلاّ لَقِيَ الله تَعَالَى يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلأَعْرِفَنّ أَحَداً مِنْكُمْ لَقِيَ الله يَحْمِلُ بَعِيراً لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعِرُ»، ثُمّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتّى رُؤيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ، ثُمّ قَالَ: «اللهم هَل بَلّغْتُ؟» بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي. متفق عليه.
2- وَعَنْ عَدِيّ بْنِ عَمِيرَةَ الكِنْدِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنِ اسْتَعْمَلنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطاً فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلُولاً يَأْتِي بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». أخرجه مسلم.

.4- طرق انعقاد الخلافة:

.طرق ثبوت ولاية الإمام:

تثبت ولاية إمام المسلمين بواحد مما يلي:
1- أن يُختار بإجماع المسلمين، ويتم نصبه بمبايعة أهل الحل والعقد من العلماء والصالحين، ووجوه الناس وأعيانهم.
2- أن تكون ولايته بنص الإمام الذي قبله.
3- أن يحصل الأمر شورى في عدد معين محصور من الأتقياء، ثم يتفقون على أحدهم.
4- أن يتولى على الناس قهراً بقوته حتى يذعنوا له، ويَدْعوه إماماً، فيلزم الرعية طاعته في غير معصية الله.

.طرق تولية الخلفاء الراشدين:

تولى الخلفاء الراشدون الخلافة بطريقتين:
الأولى: الاختيار:
والذي يقوم بالاختيار هم أهل الحل والعقد، وهذه الطريقة تمت بها تولية أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
وهذه هي الطريقة الأصل لاختيار الإمام في الإسلام.
الثانية: الاستخلاف:
فإذا أحس الخليفة بقرب أجله، وأراد أن يستخلف على الناس، شاور أهل الحل والعقد، فإذا وقع رأيه على من يصلح لهذا المنصب، عهد إليه بالخلافة من بعده، سواء كان واحداً بعينه كما استخلف أبو بكر عمر رضي الله عنهما بمشاورة كبار المهاجرين والأنصار، أو كان واحداً من مجموعة محصورة متكافئة كما عَهِد عمر إلى الستة المبشرين بالجنة أن يختاروا أحدهم، وهم عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وأبو عبيدة، وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم.
وقد اختاروا بعد المشاورة عثمان رضي الله عنه.
1- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ: «ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَاباً، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللهُ وَالمُؤْمِنُونَ إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ». متفق عليه.
2- وَعَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ فَقَالََ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّوَاجِذِ». أخرجه أحمد والترمذي.
3- وَعَنْ حُذيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا باللَّذيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ». أخرجه أحمد والترمذي.

.فضائل الخلفاء الراشدين:

1- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: «عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَبَكَى، فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هُوَ المُخَيَّرُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ، لاَ تُبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلاَّ خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ». متفق عليه.
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ». متفق عليه.
3- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنُخَيِّرُ أبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بن الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضيَ اللهُ عَنهُ. أخرجه البخاري.
4- وَعَنْ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أنَا أتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا اللهُ فِي صَبَاحِهَا، قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ-أوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ- غَدًا رَجُلاً يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، أوْ قالَ: يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَيْهِ». فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقالوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأعْطَاهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ. متفق عليه.

.5- البيعة:

البيعة: هي إعطاء العهد من المبايع للخليفة على السمع والطاعة في غير معصية الله.
والخلافة تنعقد بأحد أمرين:
الاختيار.. أو الاستخلاف لمن بعده.
وكلٌّ منهما لابد فيه من البيعة من قِبَل أهل الحل والعقد، ثم من قِبَل عموم المسلمين الذين يتيسر حضورهم.

.صفة البيعة:

أهم الأمور التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليها خمسة:
الأول: البيعة على الإسلام:
وهي آكد أنواع البيعة وأوجبها وأعظمها.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [12]} [الممتحنة: 12].
2- وَعَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى شَهَادَةِ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفق عليه.
الثاني: البيعة على النصرة والمَنَعة:
كما بايع وفد الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه وينصروه، وهي بيعة العقبة الثانية في منى.
الثالث: البيعة على الجهاد:
1- قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [111]} [التوبة: 111].
2- وقال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [18] وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [19]} [الفتح: 18- 19].
الرابع: البيعة على الهجرة:
وكانت فرض عين على من أسلم، ثم انتهت بعد فتح مكة، والمراد بالهجرة الهجرة من مكة إلى المدينة، وهذه قد انقطعت، أما الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فهي باقية إلى قيام الساعة.
عَنْ مُجَاشِع بن مَسْعُودٍ السّلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جِئْتُ بِأَخِي أَبِي مَعْبَدٍ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الفَتْحِ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله بَايِعْهُ عَلَى الهِجْرَةِ، قَالَ: «قَدْ مَضَتِ الهِجْرَةُ بِأَهْلِهَا» قُلتُ: فَبِأَيّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ: «عَلَى الإِسْلاَمِ وَالجِهَادِ وَالخَيْرِ». متفق عليه.
الخامس: البيعة على السمع والطاعة:
وهذه هي التي تعطى للأئمة عند تعيينهم خلفاء للمسلمين، وهي المقصودة في هذا الباب.
1- عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَالمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالحَقّ أَيْنَمَا كُنّا، لاَ نَخَافُ فِي الله لَوْمَةَ لاَئِمٍ. متفق عليه.
2- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ: «إلاّ أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ الله فِيهِ بُرْهَانٌ». متفق عليه.

.أسباب البيعة:

الأحوال التي تؤخذ فيها البيعة هي:
1- موت الخليفة، فتؤخذ للخليفة من بعده.
2- خلع الخليفة بسبب، فتبايع الأمة بعده إماماً يقوم بأمورها.
3- بيعة الخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد.
4- أَخْذ الخليفة البيعة على الناس لمن يكون خليفة بعده.
5- إذا خرجت ناحية من البلاد عن الطاعة، فيوجِّه إليهم من يأخذ له البيعة عليهم، لينقادوا لأمره.

.أقسام البيعة:

البيعة للخليفة قسمان:
الأولى: بيعة الانعقاد:
وهي التي يقوم بها أهل الحل والعقد، وبموجبها يكون الشخص المبايع له خليفة للمسلمين، ويكون له حق الطاعة والانقياد، كما فعل كبار الصحابة في سقيفة بني ساعدة، وبايعوا أبا بكر رضي الله عنه بالخلافة.
الثانية: البيعة العامة:
وهي البيعة التي يؤديها من تيسر من المسلمين بعد بيعة الانعقاد، كما بايع الصحابة أبا بكر رضي الله عنه في المسجد بعد أن بايعه أهل الحل والعقد قبل في سقيفة بني ساعدة.
ومثل بيعة أبي بكر بقية الخلفاء الراشدين، ثم مَنْ بعدهم من أئمة المسلمين.

.شروط صحة البيعة:

يشترط لصحة البيعة ما يلي:
1- أن يكون المتولي لعقد البيعة أهل الحل والعقد.
2- أن تحقق شروط الإمامة فيمن تؤخذ له البيعة.
3- أن يقبل المبايع له البيعة، فلو امتنع لم تنعقد إمامته.
4- أن تكون البيعة لواحد بعينه، فلا تنعقد البيعة لأكثر من واحد.
5- أن تكون البيعة على كتاب الله وسنة رسوله؟، بالعمل بموجبهما، وحمل الناس عليهما.
6- حرية المبايعة، فيبايع كل إنسان باختياره، ولا يكرَه أحد.
هذه أهم شروط صحة البيعة، فإذا تمت فالبيعة صحيحة، وإن اختل منها شيء لم تنعقد البيعة.

.من يأخذ البيعة:

الذي يأخذ البيعة من المسلمين هو الخليفة بنفسه، والأقاليم البعيدة: له أن يأخذها منهم بنفسه، أو ينيب عنه من ولاته من يقوم بها.

.صور البيعة:

للبيعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عدة صور منها:
1- المصافحة والكلام، كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة الرضوان.
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [10]} [الفتح: 10].
2- الكلام بدون مصافحة، وهذه عادته؟ في مبايعته النساء، لأنه لا يجوز للمسلم مس يد المرأة الأجنبية.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إِلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ [12]} قال عُرْوَةُ: قالتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ، قال لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قَدْ بَايَعْتُكِ». كَلامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَالله مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلا بِقَوْلِهِ. متفق عليه.
3- الكتابة، كما بايع النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام.

.حكم من بايع الخليفة من أجل الدنيا:

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لا يُبَايِعُهُ إِلا لِدُنْيَاهُ، إِنْ أعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِلا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلاً بِسِلعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ بِالله لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأخَذَهَا وَلَمْ يُعْطَ بِهَا». متفق عليه.